Monday, April 30, 2007

نص ساعة في حياة عانس

ألم يسأل أحد منا قبل اليوم كيف يمر يوم العانس عليها مع تقديمي أبلغ آيات الإعتذار على استخدامي مصطلح عانس فالبصدفة البحتة سمعت إحصائية تقدر عدد العوانس بمصر بحوالي 9 ملايين عانس ولن نخوض في الأسباب التي أدت إلى تفاقم هذا العدد...

ندعونا نتامل ماذا تفعل عندما تستيقظ هل تعمل؟ أم تجلس في المنزل؟ وإذا كانت تعمل ماهي ملامح علاقاتها مع زملائها في العمل وإذا كانت تجلس في البيت ماهي أيضا ملامح علاقاتها مع أفراد الأسرة سنحاول خلال السطور القادمة تسليط الضوء من خلال نص ساعة في حياة عانس ...

منذ فترة بعيدة لم أحصل على أجازة لمدة طويلة من عملي وذات يوم قررت أن أحصل عليها فذهبت إلى مديري في العمل وانا أحاول ان استجمع جدية ووقار وبراعة زكي رستم في فيلم نهر الحب كي يقتنع مديري بقسمات وجهي أثناء طلب الأجازة
فيبدو أنني نجحت فقد وافق بعد مناقشات لم تدم لدقائق ...

أستيقظت في أول أيام الأجازة على صوت أمي وهي بتقولي اصحى يابني مش كل يوم المناهدة دي قتحت عيني ببطء وانا بقولها انا اجازة يا أمى أسبوع ردت وقالتلي خير في ايه قولتلها ولا حاجة متقلقيش بقالي كتير مخدتش اجازات والسنة قربت تخلص وفي اجازات في رصيدي عاوز اخلصها قالتلي طيب وبدأت في سرد تعليماتها لي عندما تشعر أني سأتواجد في البيت بمفردي لفترة طويلة متنساش لو عملت شاي تقوم تبص على البراد ومتنساش نفسك قدام التليفزيون لحد ما الميا تنشف في البراد ولو حبيت تفطر الاكل في المطبخ وقالتلي انا نازلة بقه نسيت أقولكم ان أمي موظفة على مشارف المعاش ...

المهم كملت نومي وصحيت بعدها بساعتين قومت أخدت دش سخن وحلقت دقني وحطيت البراد على النار وفضلت واقف في المطبخ اتفرج على اللي حواليا أكتشفت أن بقالي سنين مبصتش من شباك المطبخ فانا أسكن في الدور الثالث فقد شاهدت كم من العمائر السكنية قد بنيت من حولنا وانا لاأدري فدخولي للمطبخ يكون نادرا إلى أبعد الحدود...

فجأة وبدون سابق إنذار أثناء نظري إلى التغييرات السكنية التي حدثت من حولنا فوجئت بصوت حريمي يقول

" تعبت والله العظيم تعبت أعصابي تعبت حسوا بيا شوية أنا بشر" كعاداتي المزمنة وهي الفضول اكتشفت أن مصدر الصوت يتسلل من شباك العمارة الملاصقة لنا تماما حيث ان مطبخنا يقع على الجانب الملاصق لهذه العمارة انتظرت قليلا ولكني لم اسمع أي صوت آخر وكانها قنبلة قد انتزع فتيلها فانفجرت وعم بعدها السكون...

شىء ما بداخلي جعلني اقف منتظرا سماع أي صوت أخر مرت خمس دقائق ثقيلة بعدها سمعت صوت عبارة عن ضغط على مسجل صغير ويقول اسمي ايمان عبد الحميد عمري 33 سنة خريجة كلية ألسن قسم انجليزي ليا 4 أخوات بنات و3 أخوات صبيان كلهم متجوزين أنا أصغرهم بشتغل في شركة ذائعة الصيت اتعينت فيها من سنتين بعترف أني متوسطة الجمال على فكرة انا مش بحكي ذكرياتي ولا طفولتي ولا شبابي انا عاوزة افضفض بعد ما ضاقت بيا الدنيا ضاقت من نظرات الناس ضاقت من نظرات أمي ليا ضاقت من حكاوي الناس من غير مايقصدوا يضايقوني عن الجواز مبقتش عارفة اعمل ايه غير اقول يارب دي حكمتك واللهم لااعتراض على حكمتك محتاجة افضفض وأقول اني انا مبقتش ايمان اللي أنا اعرفها طباعي اتغيرت بقيت حادة جدا في تعاملاتي ويارت ده على نطاق الاسرة كان بقه ماشي لكن ظهر ده في علاقاتي مع زملائي في الشغل بقيت زي ما بيقول المصطلح الانجليزي Formal لدرجة بقيت اتعامل بيها مع أمي على اعتبار انها عميل في الشغل برد عليها ردود بايخة وقليلة الذوق لكن مش ردود بقلة أدب بقه بيصعب عليا نفسي لما اروح خطوبة أو فرح اي حد من صحابتي رغم براعتي في رسم الفرحة والسعادة لكن انا من جوايا ببكي ببكي لأني نفسي يكون ليا بيت وأسرة وأطفال تعبت من الوحدة والتفكير انا بطبعي كتومة حتى صحبتي القريبة مني اللي اتجوزت بقه محور كلامنا في اي زيارة مني ليها بيكون حوالين مشاكل الجواز والاطفال ومدارسهم واحيانا يمتد الحوار وتشكيلي ان جوازها مخاصمها وبيديها ضهره باليل طبعا كل ده انا مش حساه ببقه نفسي اعيشه جه الوقت اللي اعترف بيه ويكون عندي الشجاعة اواجه نفسي...

مشكلتي الحقيقية اني اكتشفت اني عاوزه عريس مش موجود حاجة كده تفصيل يتكلم زي ما أنا متوقعة انه يتكلم يلبس زي ما انا متوقعة انه يلبس يتصرف في اي حاجة زي ما أنا متوقعة انه يتصرف علشان كده تجارب الخطوبة فشلت فشل ذريع حاجة نسيت اقولها حالة الجشع اللي بقيت تتنتابني في تحويش الفلوس والبخل أحيانا ده برده من الحاجات اللي جدت عليا طول عمري بحلم اني اكون الند للند للي هتجوزه هو بيسوق عربية أنا بسوق عربية هو مثقف انا مثقفة هو على دراية بتكنولوجيا العصر أنا كمان زيه اختفى من هنا عنصر اني بنت وانه هو لازم يحتويني غلط وأكبر غلط ارتكبته اني اهتمت بشغلي وعاوزة اكون احسن واحدة فيه على حساب تكوين بيت واسرة وأطفال نفعني بأيه الشغل في النهاية محتاج حضن بقه انا بعترف اني رفعت الرايا البيضا هو فين بقه اللي يجي يضمني هو فين هبطل اتصرف كما لو كنت فاهمة كل حاجة هبطل اتفلسف هبطل طموح زايد يخوف مني أي حد...

فجأة انتبهت إلى ان اضع البراد على النار وإذا بي أفاجا ان الميا نشفت فتذكرت أمي وتحذيرها لي ولكن المرة دي يمكن تعذرني لما تعرف السبب وابتسمت ساخرا وذهبت لإعداد براد أخر